إن وحدة المضمون والجوهر، القائمة بين بعض الأحاديث وبعضها الآخر، تكشف عن موكب عظيم من الاتجاهات التقدمية الراشدة في تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته من غير أي تدخل من جانبنا، ودونما أي تكلف أو إضافة... المهم أن تكون وحدة المضمون والجوهر دليلنا، وعندئذ تعطينا كلمات الرسول أروع أسرارها.
إننا خلال قراءتنا كتب الحديث والسنة قد نلتقي مثلا بحديث أخذ مكانه في كتاب الصلاة، أو الحج، أو البيوع، لعلاقة فقهية بين الحديث وهذه الموضوعات... بيد أننا حين نتمعن جوهر الحديث، ومضمونه الإنساني نجده وثيقة باهرة من وثائق"حقوق الإنسان"، فإذا استطعنا أولا أن نبصر وحدة المضمون هذه، واستطعنا ثانيا أن نتتبعها في جميع ما يؤلف بينها من نماذج، وجدنا أنفسنا أمام القيم الإنسانية الكبيرة تشرق من أحاديث الرسول وكأنها تكتب وتقدم اليوم في أوضأ مفاهيمها، وأصدق خصائصها.